almaysstro مشرف عام
عدد الرسائل : 183 العمر : 37 الموقع : www.amchaoui.c.la تاريخ التسجيل : 26/06/2008
| موضوع: قراءة قانونية في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة! الأحد يناير 18, 2009 10:52 am | |
|
الأحد يناير 18 2009 - المحامي إبراهيم شعبان يدخل هذه الأيام العدوان الإسرائيلي -الرصاص المتدفق- على قطاع غزة أسبوعه الرابع. وهو عدوان بكل ما في الكلمة من معنى ومفهوم قانوني. تماما كما عرفت الجمعية العامة للأمم المتحدة العدوان في قرارها رقم 3314 عام 1974 حينما قالت أنه مناقض للدفاع الشرعي عن النفس وهادم للوحدة الإقليمية ومناقض لأهداف ومقاصد الأمم المتحدة وناف لحق الشعوب في تقرير مصيرها وخارق لحقوق الإنسان ومنتقص للسيادة الإقليمية.
تزعم إسرائيل أن عدوانها على قطاع غزة ما هو إلا دفاع مشروع عن النفس. وأن الصواريخ التي تقصف بها من قطاع غزة عدوان ولا تترك لها مجالا إلا الدفاع عن النفس. وقد وقع كثيرون في العالم في حبائل هذه المقولة وصدقوها بل دافعوا عنها. والحقيقة التي لا تقبل الجدل كثيرا هي أن الدفاع الشرعي عن النفس الذي قررته المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة لا ينطبق على الحالة الإسرائيلية البتة. فقطاع غزة ليست دولة والمادة 51 تشترط أن يكون العدوان صادر من دولة حتى يكون هناك دفاع شرعي عن النفس.
وبالقطع والجزم أن قطاع غزة ليس بالدولة ولا هو بشرنقة دولة, بل بالعكس هو إقليم غير مستقل يقع تحت الإحتلال الإسرائيلي رغم إعادة الإنتشار للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة عام 2005, حيث خرجت القوات الإسرائيلية من القطاع ورابطت حواليه. ومنذ ذلك الوقت لا يخرج أحد ولا يدخل أحد إلا بموافقة القوات الإسرائيلية بشكل من الأشكال. بل إن بحر وأرض وسماء قطاع غزة مسيطر عليه بالكامل من السلطات الإسرائيلية المحتلة.
وبذا يعتبر معيار « السيطرة الفعالة « متوافرا لتقرير وجود الإحتلال من عدمه بحسب معايير محكمة نورمبورغ لعام 1946. ومن المعروف أن الإنتاج الإسرائيلي يغزو السوق الغزي من حبة الدواء إلى كيس الإسمنت والحليب والكهرباء والنفط. ويمكن القول أن إسرائيل استغلت تلك الحاجة الغزية الماسة نتيجة لسيطرتها البرية والبحرية والجوية لتتحكم في مصير الناس وتعاقبهم عقابا جماعيا من خلال تزويدهم أو تقنينهم بحاجياتهم, بل هي أدت إلى رفع اسعار الحاجات بشكل مجنون نتيجة لتقييداتها الأمنية المجنونة وإغلاقاتها غير المبررة للمعابر. ومن المعروف دوليا أن هذا الحصار أمر غير جائز في القانون الدولي لأنه يؤثر على حياة ورفاهية وصحة الشعب الغزي.
وهناك أسباب أخرى ترفض الحجة الإسرائيلية بالدفاع الشرعي عن النفس جملة وتفصيلا منها أنها نفسها محتلة للقطاع الفلسطيني فكيف تكون في حالة دفاع شرعي وهي محتلة في ذات الوقت. أليست إسرائيل دولة محتلة أولا وأخيرا وبالتحديد لفلسطين ولقطاع غزة تجسيدا؟ فكيف يمكن لمحتل غاصب أن يدعي الدفاع الشرعي عن النفس وهو معتد؟ كيف لمحتل إسرائيلي يمنع الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير المصير الزعم بأنه في حالة دفاع شرعي عن النفس؟
ألا يعطي ميثاق 1970 الذي صدر بالإجماع الشعوب الحق في مقاومة النظم التي تحرمها من الحق في تقرير المصير؟ وهل يدين الشعب المحتل بالولاء للمحتل؟ وفوق هذا وذاك هل يجوز للدول أن تستخدم القوة وعلى رأسها القوة العسكرية بطريقة تتنافى وميثاق الأمم المتحدة التي حظرت استخدام القوة من أساسها؟
وحتى لو قبلنا على سبيل الجدلية أن هذا العدوان الإسرائيلي يشكل دفاعا شرعيا عن النفس, لتطلب الأمر من إسرائيل والقوات الإسرائيلية ما يسمى « بالتناسب « في عملياتها, وهو ما نصت عليه المادة 51 بشكل صريح دونما لبس أو مراء. ذلك أن رد العدوان إن وجد فيكون بشكل متناسب مع قدر العدوان ذاته وحجمه. ويجب أن لا يكون « الدفاع « مفضيا لتجاوزات أو اعتداءات تجعل « العدوان « ضئيلا بالقياس معه وإلا غدا غير متناسب معه أو وسيلة للإفلات منه أو الإلتفاف عليه. ولعل ما جرى في قطاع غزة من إطلاق صواريخ لم تقتل أحدا وهي التي تشكل حادثة « العدوان الغزي «, لا يمكن قياس « الدفاع الشرعي الإسرائيلي « عليها لعدم تناسب الحدثين بكل الأشكال والمقاييس. « فالعدوان الغزي « لم يقتل أحدا بينما « الدفاع الشرعي الإسرائيلي « قتل أكثر من ألف مواطن نصفهم تقريبا من الأطفال والنساء وجلهم من المدنيين الأبرياء, فضلا عن الدمار غير المسبوق في المنازل والمؤسسات والجامعات والمستشفيات وسيارات الإسعاف ومخازن الأمم المتحدة والهلال الأحمر الفلسطيني.
وعليه فوسيلة التناسب غير قائمة بالمرة بل منعدمة بل إن الأهداف السابق تتمتع بالحماية الدولية ولا يجوز قصفها أصلا. وحتى لو افترضنا جدلا أن إسرائيل لم تكن تعلم فقد كان عليها أن تتقيد بوسيلة التناسب إن كان لها أن تستشهد بوسيلة الدفاع الشرعي عن النفس من أساسها.
لقد قام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان على احترام الذات الإنسانية وحرياتها وكرامتها في زمني السلم والحرب, وعلى رأس هذه الحقوق جميعا حق الإنسان في الحياة سواء أكان مدنيا أو عسكريا , مسئولا أو غير مسئول. وإن القانون الدولي الإنساني قام من أجل حماية المدنيين وبخاصة وقت الحرب. وأقام تفرقة لا تمحى ولا تزول بين المقاتلين والمدنيين وحاول حمايتهم بشتى الوسائل وفي كل الأماكن. ولو قام هنري دونان الأب الروحي لإتفاقيات جنيف من قبره لهرول إليه عائدا من هول ما رآى وبشاعة ما أبصر. فكل قواعد اتفاقية لاهاي لعام 1907 للحرب البرية وأعرافها, وقواعد اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 والخاصة بالمدنيين وقت الحرب, وبروتوكول 1977 الإضافي قد خرقت جميعا من ألفها إلى يائها. ويجب على الإتحاد السويسري ودول العالم أجمع أن تتداعى لعقد مؤتمر تبحث فيه خروقات إسرائيل تجاه المدنيين لأنها تحت التزام بأن تحترم القانون الدولي الإنساني في جميع الأحوال وأن تضمن احترامه في جميع الأحوال.
وحتى لو تم إسقاط موضوع العدوان وقبلنا بالدفاع الشرعي عن النفس وبموضوع التناسبية لوجب على الإسرائيليين والقوات الإسرائيلية أن تأخذ الإستعدادات والإحتياطات المناسبة لهذه العمليات التي يجب أن تكون محدودة كما وكيفا أساسا. فإسرائيل على دراية تامة بالإكتظاظ السكاني في قطاع غزة والمدنيون لا يمكن أن يكونوا أهدافا مشروعة للقتال وتعريض حياتهم للخطر حتى لو كانوا برفقة أشخاص مطلوبين. فقتل الزوجات الأربع لأحد القياديين في حماس وجميع أبنائه وبناته في غارة جوية يشكل جريمة حرب بكل المقاييس حتى لو تم الزعم بأن هذا القيادي هو من حركة حماس. بل إن الراجح في فقه القانون الدولي الإنساني أن مثل هؤلاء الأشخاص لديهم حصانة ضد القتل ويتمتعون بحماية المدني. بل إن المحكمة الإسرائيلية العليا نفسها لم تجز قتل المدنيين إلا إذا اشتركوا في عمليات عدائية ضد إسرائيل ولم يكن أمام السلطات الإسرائيلية خيار آخر كالتوقيف أو الإعتقال ولم يكن متوقعا أن يجر القتل لمزيد من سفك دم الأبرياء حول الشخص المراد قتله.
وفوق هذا كله على السلطات الإسرائيلية أن تثبت أن شخصا ما هو ضالع بالإعتداءات عليها حتى تستطيع إن تقتله من وجهة نظرها.
وكان واضحا من العدوان الإسرائيلي أن هناك خرقا واضحا وفاضحا لإستعمال القوة المسلحة بل كان هناك تجاوز كبير للقدر المسموح به من القوة المسلحة. وقد كان ذلك واضحا في صور الأطفال حديثي الولادة المقتولين والسيدات الحوامل والأطفال دون سن الثامنة عشرة. وكان هناك اعتداء على الأماكن المحصنة ضد الهجمات المسلحة كالمساجد والمستشفيات ومراكز الإسعاف وسياراته والمنازل والجامعات وحتى مقرات الامم المتحدة وهي أماكن لا يمكن الإنتقاص من حمايتها مهما سيق من مبررات وحجج.
وحتى لو تم قبول بعض الهجمات فإن ما رافقها من عنف شديد جعل الإصابات والقتل كبير إلى درجة غير مقبولة في القانون الدولي الإنساني تسمى تجاوزا لحدود القوة المسموح بها. فضلا أن الجيش الإسرائيلي استعمل أسلحة غير قانونية كالفسفور الأبيض والقنابل العنقودية وأعاق سيارات الإسعاف عن القيام بعملها.
الزعم الإسرائيلي بأن إسرائيل كانت في حالة دفاع شرعي عن النفس تكذبه القواعد المستقرة في القانون الدولي العام , وتدحضه جرائم الحرب المرتكبة من قبل قواته. جرائم حرب يجب معاقبة مرتكبيها سواء أمام المحكمة الجنائية الدولية أو أمام محكمة خاصة ينشئها مجلس الأمن أو محاكم الدول وفق الإختصاص العالمي لكن الروح تواقة أما الجسد فضعيف. | |
|