من خلال متابعة إعداد الدولة والأحزاب السياسية للانتخابات الجماعية المقبلة، المزمع تنظيمها بتاريخ 12 يونيو 2009، يتأكد مرة أخرى الشرود السياسي الذي يعرفه المغرب، والذي يحير المرء في معرفة إذا ما كان شرودا اختياريا أم اضطراريا. فبعد انتخابات 7 شتنبر 2007 تعددت النداءات وارتفعت الأصوات هنا وهناك، وأجمع العديد من الفاعلين والملاحظين على أن العملية الانتخابية تعرف مأزقا حقيقيا، لا سبيل لتجاوزه إلا بمقاربة شاملة، لا تنحصر فقط في البعد القانوني والتنظيمي، كما كان الحال في الانتخابات السابقة، إذ ثبت بالملموس أن تلك المقاربة ذات البعد الأحادي، لم تمنع من تجدد ظهور مجموعة من الاختلالات المرتبطة بضعف المشاركة وهشاشة التمثيل والمس بسلامة الانتخابات، بل لم تمنع من تفاقمها. فالمقاربة التنظيمية في ظل الكوابح الدستورية والمعيقات السياسية والعقبات السوسيوثقافية لم تفد في تأسيس انتخابات الملك محمد السادس لقطيعة مع ما كانت تعرفه انتخابات الملك الحسن الثاني من تنظيم شكلي وفساد واضح ورهان منعدم، والتعامل مع انتخابات 2009 بنفس المقاربة الضيقة يؤكد غياب إرادة تغيير حقيقي، رغم كل التعديلات القانونية والتنظيمية، التي لا يمكن الاختلاف حول إيجابية جزء هام منها.
تعديلات قانونية وتنظيمية
عرف القانون رقم 9.97 المتعلق بمدونة الانتخابات تغييرا وتتميما بموجب القانون رقم 36.08 الصادر بتاريخ 30 دجنبر 2008[1] ، ويمكن حصر أهم التعديلات التي أقرها هذا القانون فيما يلي:
- جعل التقييد في اللوائح الانتخابية على أساس محل الإقامة، وحصر الاستثناء من ذلك فقط في الجماعات الواقعة في مناطق اعتيادية للترحال[2] ؛
- ضرورة الإدلاء بالبطاقة الوطنية عند طلب التقييد وعند التصويت، وبصفة استثنائية يمكن الإدلاء بالدفتر العائلي مرفقا بشهادة إدارية مسلمة من طرف السلطة الإدارية المحلية[3] ؛
- حق الأحزاب السياسية في الحصول على مستخرج من اللائحة الانتخابية العامة لناخبي الدائرة الانتخابية أو الجماعة يتضمن أسماء الناخبين ومحل سكناهم والدائرة الانتخابية المقيمين فيها[4] ؛
- تخفيض سن الترشيح إلى 21 سنة عوض 23 سنة؛
- اختيار الناخب الذي به إعاقة ظاهرة تمنعه من وضع علامة التصويت لناخب يكون متوفرا على بطاقة التعريف الوطنية لمساعدته، بعد أن كان في السابق يساعده مكتب التصويت. ولا يمكن لأي شخص أن يقدم المساعدة لأكثر من ناخب معاق واحد[5] ؛
- رفع عدد السكان الذي يكون على أساسه تطبيق الاقتراع باللائحة، فبعد أن كان في السابق 25.000 نسمة أصبح حاليا 35.000 نسمة، بمعنى أن الجماعات التي لا يتجاوز عدد سكانها 35.000 نسمة يُطبق فيها الاقتراع الفردي بالأغلبية النسبية، والجماعات التي بها أكثر من 35.000 نسمة يُطبق فيها الاقتراع باللائحة على أساس أكبر البقايا؛
- رفع العتبة التي يكون على أساسها توزيع المقاعد إلى 6%، عوض 3% التي كان معمولا بها سابقا؛
- إحداث دائرة انتخابية إضافية على صعيد مجموع النفوذ الترابي لكل جماعة أو مقاطعة؛ وقد اتفقت الأحزاب السياسية بمقتضى ميثاق الشرف أن تخصص هذه الدائرة للنساء[6] ؛
- إحداث صندوق الدعم لتشجيع تمثيلية النساء[7] ، وحفز الأحزاب السياسية على ترشيح المرأة، من خلال وضع طريقة جديدة للاستفادة من الشطر الثاني من مساهمة الدولة في تمويل الانتخابات، تجعل مبلغ الدعم عن ترشيح النساء يساوي خمس مرات قيمة مبلغ الدعم المخصص لترشيح الرجال[8] .
بالإضافة إلى هذه التغييرات القانونية كانت هناك مجموعة من التغييرات التنظيمية، من خلال مجموعة من المراسيم والقرارات، يتمتل أبرزها فيما عرفه التقسيم الجماعي من ملاءمة، بحيث أصبحت الخريطة الجماعية للمغرب تتوفر على 1503 جماعة، موزعة على 1282 جماعة قروية و221 جماعة حضرية، أي بزيادة 6 جماعات حضرية وقروية، وقد تمت هذه الملاءمة من خلال إعادة النظر في الحدود الجغرافية لعشرات الجماعات...
ويمكن تسجيل ثلاث ملاحظات بخصوص ما عرفه إطار الانتخابات من تغييرات قانونية وتنظيمية:
- أولها: بعض هذه التغييرات لا يمكن إلا تأكيد إيجابياتها من حيث المبدأ. لكن باستحضار خصائص النسق العام، على المستويات الدستورية والسياسية والسوسيوثقافية، يمكن التنبؤ بمحدودية الأثر الإيجابي لتلك التغييرات. وقد كانت انتخابات 7 شتنبر 2007 أوضح دليل على ذلك.
- ثانيها: هذه التغييرات القانونية والتنظيمية على أهمية بعضها لم تبلغ، وبحسب المعيار القانوني والتنظيمي فقط، ما تتطلبه الانتخابات الديمقراطية، وما كانت تطالب به بعض الأحزاب السياسية من مثل المراجعة الجذرية للوائح الانتخابية، والتسجيل والتصويت على أساس بطاقة التعريف الوطنية دون غيرها من الوثائق، وإحداث هيأة إدارية مستقلة للإشراف على الانتخابات..
- ثالثها: تأرجح هذه التغييرات بين رغبة النظام السياسي في الظهور بالمظهر الديمقراطي والحداثي، وبين حرصه الشديد على ضبط المجال الانتخابي. بتعبير آخر فإن النظام السياسي المغربي وجد نفسه بين ضرورة الانفتاح تكيفا مع "رياح الدمقرطة"، التي يفرضها المجتمع الدولي ويتطلبها تجديد الشرعية، وبين خاصية الاحتكار للقرار السياسي، التي هي من أبرز خصائصه. إنه مأزق سياسي مفتوح على كل الاحتمالات.
مأزق العملية الانتخابية
ردد الملك محمد السادس منذ أن جلس على العرش كثيرا مقولة: "المشروع الحداثي الديمقراطي"، وكانت له بعض الإشارات في هذا الصدد، من أهمها في السياق الانتخابي ما تحقق على مستوى نزاهة الانتخابات، بمفهومها الضيق، في اقتراع 2002. فقد عرفت تلك الانتخابات بعض التغييرات القانونية والتنظيمية، فرضها، بالإضافة إلى معطيات محلية، معطى دولي تمثل في الانخراط في استراتيجية مكافحة الإرهاب بعد أحداث 11 شتنبر 2001، وما تطلبه ذلك من انفتاح سياسي لمواجهة مظاهر اليأس والبؤس، التي تشكل مرتعا للإرهاب، حسب القراءة الأمريكية. إلا أن ذلك الانفتاح المراقَب عرف تراجعا واضحا في الانتخابات الجماعية لـ12 شتنبر 2003، وبشكل أكثر حدة في انتخابات 7 شتنبر 2007، بحيث أن الجرعات القانونية والتنظيمية، التي كانت بمناسبة هذه الانتخابات، لم تضف عليها أي مصداقية أو بريق، بل على العكس من ذلك كشفت محدودية التغيير داخل لعبة انتخابية مغلقة، بحيث لم يؤد اقتصار مدخلات العملية الانتخابية على عناصر قانونية وتنظيمية إلا إلى بروز اختلالات على مستوى المخرجات من أبرزها العزوف الكبير عن المشاركة في الانتخابات والمظاهر المتعددة للفساد الانتخابي وهشاشة التمثيل السياسي وانعدام الجدوى من العملية الانتخابية. بتعبير آخر إن استراتيجية الرهان على التطوير التنظيمي لمجال التمثيل الأدنى، الذي هو الانتخابات، بهدف منح المزيد من الشرعية لمحتكر التمثيل الأعلى، الذي هو الملك، تراجعت كثيرا مقارنة مع انتخابات 2002، وهي مرشحة للتراجع أكثر في انتخابات 2009 و2012 بسبب استنفاد المؤسسة الملكية لأقصى ما يمكن أن تمنحه على المستوى القانوني والتنظيمي، في ظل ميزان القوى المختل.
والانتخابات المحلية، وإن كانت تختلف عن الانتخابات التشريعية، ليس فقط من حيث الوزن السياسي، ولكن أيضا من حيث حجم المشاركة، لأن المشاركة فيها تكون عادة أكبر من المشاركة في الانتخابات التشريعية، بسبب كثرة المرشحين وحضور أقوى للولاءات التقليدية، فإن ذلك لا ينفي أن الانتخابات الجماعية لسنة 2009 ستخضع لاختبار عسير وفق معايير ثلاثة، وهي: الحرية والنزاهة والفعالية.
فإذا كان معيار الحرية يعني وجود تنافس حقيقي بين مرشحين متعددين، ويعني احترام الحقوق والحريات السياسية الرئيسة كحرية الحركة وحرية التعبير وحرية الاجتماع وحرية المشاركة في التصويت، وغير ذلك من الحقوق والحريات، التي يستحيل تنظيم انتخابات حرة في بيئة لا تكفلها[9] ، فإن المتأمل في المشهد السياسي المغربي قبيل انتخابات 2009 يلحظ محاولات للتضييق على حزب العدالة والتنمية بصفته منافسا انتخابيا، فهذا الحزب الذي حصل على أول عدد للأصوات في الانتخابات الجماعية السابقة، بمجموع 70 ألف صوت، رغم أنه لم يشارك إلا في 50% من الدوائر الانتخابية، في حين لم يتجاوز حزب الاستقلال، الذي ترشح في كل الدوائر الانتخابية، والذي حصل على المرتبة الثانية 50 ألف صوت، يشكل –أي حزب العدالة والتنمية- في الانتخابات المقبلة هاجسا حقيقيا للدولة، خاصة بعد أن قرر الترشح في 10 آلاف دائرة، أي ثلثي الدوائر الانتخابية[10] ، ففي هذا السياق يمكن فهم بعض أشكال الضبط الاستباقي الذي قامت به الدولة من خلال التقسيم الجماعي، كما يمكن فهم التعامل الذي لا يخلو من انتقائية مع قضية بلكورة، والتحرش الإعلامي المبالغ فيه من قبل بعض الجهات بحزب العدالة والتنمية...
والتعامل الإقصائي مع جماعة العدل والإحسان باعتبارها قوة سياسية معارضة من خارج اللعبة[11] ، والمس المستمر بحقوقها وحرياتها السياسية يضرب معيار الحرية في الصميم، ويزداد وضع الحقوق والحريات، التي هي ضرورية لكل انتخابات ديمقراطية، قتامة بمحاولات التضييق على الإعلام المستقل، ولعل من آخر فصول ذلك ما تعرضت له جريدتي المساء والأيام...
وإذا كان معيار نزاهة الانتخابات يعني الحياد الذي يجب أن تتسم به العملية الانتخابية، أي حياد القوانين والقواعد والأنظمة المنظمة لعملية الانتخابات، وكذا حياد الإدارة المشرفة على العملية الانتخابية في تنفيذها لتلك القواعد والقوانين، فإن المتتبع يلحظ أشكال الضبط القانوني للانتخابات خاصة على مستوى نمط الاقتراع والتقسيم الانتخابي، كما يلحظ استمرار احتكار وزارة الداخلية لإدارة العملية الانتخابية، رغم عدم اتصافها بالحياد الإيجابي، فهي وإن كانت مستقلة عن الأحزاب السياسية، فإنها ليست مستقلة عن الملكية "الفاعلة" التي لها رهانات وحسابات انتخابية غير خفية.
والمغرب وإن كان قد عرف في انتخابات 27 شتنبر 2002 تقدما على مستوى الشفافية والنزاهة، فإن ذلك لم يكن إلا بالمعنى الضيق للشفافية والنزاهة، الذي يعني عدم التدخل المباشر في نتائج الانتخابات، بحيث أن الضبط القانوني المسبق حل محل ذلك التدخل المباشر، بل إن انتخابات 7 شتنبر 2007 عرفت بالإضافة إلى ذلك الضبط القانوني توسع مظاهر الفساد، التي تصيب معيار النزاهة في مقتل[12] .
فالدولة في انتخابات 2009 أمام خيارين لا ثالث لهما، إما التمسك بهامش الشفافية والنزاهة، الذي تحقق في انتخابات 2002، وبشكل أقل في انتخابات 2007، وفي هذه الحالة سيكون المغرب أمام مغامرة سياسية إذا عرفت الانتخابات نسبة عالية من العزوف، إذ أن النسبة الضئيلة للمشاركة ستؤكد فشل الدولة في توسيع مجال المشاركة السياسية، وستضع "المشروع الديمقراطي الحداثي" في الميزان، أو قد تختار، بعيدا عن هذا الاختيار، الانقلاب على "هامش النزاهة والشفافية"، والعودة إلى أساليب النفخ في الأرقام والتزوير المباشر للنتائج، وبما أن وسائل فضح ذلك قد عرفت تعددا وتطورا غير مسبوق، فإن ثمن هذا الاختيار الأخير سيكون غاليا.
والمتتبع لمشهد ما قبل الانتخابات يلحظ بعض المؤشرات غير المطمئنة، والتي تصب في هذا الاختيار الثاني، من ذلك:
- الخروقات العديدة التي عرفتها عملية التسجيل في اللوائح الانتخابية، والتي عرفت احتجاجات واسعة من قبل العديد من الأحزاب السياسية[13] ؛
- محاولة تمرير بند في ميثاق الشرف، الذي كان بين وزارة الداخلية والأحزاب السياسية، يقضي بالالتزام بعدم الطعن في نتائج الانتخابات، قبل التراجع عن ذلك بعد احتجاج بعض الأحزاب السياسية؛
- التغييرات الأخيرة التي كانت في صفوف الولاة والعمال، والتي يُشم منها الرغبة في العودة إلى عهد إدريس البصري وأساليبه في تزوير الانتخابات.
هذه المؤشرات تجعل إمكانية العودة إلى التزوير المباشر احتمالا واردا. فالتغييرات الممنوحة التي لا تبنى على أسس ميثاقية ودستورية صلبة يمكن التراجع عنها في أي لحظة. ومن له سلطة المنح له سلطة المنع.
قد يرى البعض أن في الحملة الأخيرة التي شنتها الدولة على بعض رؤساء ومستشاري بعض الجماعات تشبثا بالخيار الأول، الذي لا يعني في آخر المطاف سوى هامش النزاهة بمفهومها الضيق والجزئي، إلا أن التجربة الانتخابية المغربية علمتنا أن أسلوب الحملات الانتقائية لا يشكل ضمانة لتحقيق النزاهة، أوحتى هامش من النزاهة بمفهومها الضيق، فالحملة التي كانت ضد المرشحين لانتخابات مجلس المستشارين في آواخر 2006 لم تمنع من تفشي الفساد الانتخابي في 7 شتنبر 2007، بل وعلى العكس من ذلك، فإن تلك الحملة جعلت المفسدين يطورون وسائلهم وأساليبهم.
أما معيار الفعالية فيمكن قياسه بنوع من المؤسسات التي تفضي إليها الانتخابات من جهة أولى، وبمدى ثقة الناخبين في الانتخابات والمنتخبين من جهة ثانية.
ففيما يتعلق بالمؤسسات التي تفضي إليها الانتخابات الجماعية يلاحظ أن التعديلات الأخيرة التي عرفها الميثاق الجماعي لم تعالج الإشكالات التي تحد من فعالية مجالس الجماعات ومجالس المقاطعات، ويتمثل أبرزها فيما يلي:
- انتخاب الرئيس -رغم تفريغه وتوسيع اختصاصاته في التعديلات الأخيرة- من قبل المجلس الجماعي بنفس الطريقة السابقة، الأمر الذي يسهم في هيمنة الأعيان وذوي النفوذ على رئاسة المجالس الجماعية، كما يسهم في تشكيل تحالفات هجينة؛
- الحفاظ على الوصاية المشددة على المجالس الجماعية. فإذا كانت الوصاية ضرورية في أي نظام مركزي فإنها في المغرب تزيد عن الحد المطلوب، هذا ما لم تعالجه التعديلات الأخيرة رغم مطالبة جل المناظرات الجماعية بذلك؛
- استمرار غلبة الطابع الاستشاري على قرارات مجالس المقاطعات، وافتقاد هذه الأخيرة إلى الإمكانات اللازمة، بحيث أن مداخيل تسييرها عبارة عن منحة إجمالية يحددها المجلس الجماعي وتشكل نفقة إجبارية.
أما فيما يتعلق بمدى ثقة الناخبين في الانتخابات والمنتخَبين، فإن ضعف الإقبال على التسجيل في اللوائح الانتخابية يؤشر على احتمال عزوف كبير يوم الاقتراع، خاصة بعد الاستمرار في الشرود السياسي بعد انتخابات 7 شتنبر 2007، وبعد تزايد عوامل مقاطعة الانتخابات في مقدمتها مظاهر الفقر والبؤس والبطالة وإهمال المواطنين، ولعل ما وقع بعد فيضانات جهة الغرب أوضح صورة على ذلك. فبكل تأكيد أن الانتخابات الجماعية المقبلة لن تخرج عن المنحى التراجعي في نسبة المشاركة من انتخابات جماعية إلى أخرى[14] . وقد يكون هذا التراجع بنسبة هامة كما وقع في انتخابات 2007. ومما يزيد في فقدان الثقة في العملية الانتخابية إصرار جل الأحزاب السياسية على ترشيح الأعيان وذوي النفوذ الذين لهم ضمانات أكبر وحظوظ أوفر للفوز بالمقاعد. وذلك بعيدا عن أي التزام سياسي أو برنامجي.
هكذا يتضح أن الدولة في انتخابات 2009 ستواجه تحديات حقيقية، سواء على مستوى معيار الحرية أو النزاهة أو الفعالية. وهي تحديات لا يمكن مواجهتها بالاقتصار على المقاربة التنظيمية في التعامل مع الانتخابات، مهما كانت درجة تقدم بعض القوانين والإجراءات. فالمشروع الحداثي والديمقراطي يقتضي تنظيم انتخابات حديثة وديمقراطية، والانتخابات الحديثة والديمقراطية لا تقاس فقط برفع تمثيلية المرأة في المجالس الجماعية، أو ببعض الإجراءات التنظيمية أو اللوجستية، وإنما تقاس بمعايير الحرية والنزاهة والفعالية، وهي معايير يتضح اليوم أنها صعبة التحقيق في ظل نظام سياسي يجعل الشرعية الانتخابية خادمة وتابعة لشرعية أعلى لا مجال فيها للانتخاب والاختيار الحر.
.